الذكرى السنوية لشهداء مجزرة قانا 1996
أحيت حركة “أمل” واتحاد بلديات قضاء صور الذكرى السنوية السادسة عشرة لشهداء مجزرة قانا، التي ارتكبها العدو الاسرائيلي عام 1996 خلال عملية “عناقيد الغضب”، وذهب ضحيتها 106 شهداء من الأطفال والنساء والشيوخ..
وأقيم احتفال حاشد عند ضرائح شهداء المجزرة في قانا، حضره مفتي صور وجبل عامل الشيخ حسن عبدالله ورئيس أساقفة صور للموارنة المطران شكر الله نبيل الحاج ولفيف من رجال الدين وقيادة حركة “أمل” في إقليم جبل عامل ومن المكتب السياسي وممثلون عن “الأحزاب اللبنانية والفصائل والقوى الفلسطينية” والجمعيات والمؤسسات الأهلية ورئيس اتحاد بلديات صور عبد المحسن الحسيني على رأس وفد من رؤساء المجالس البلدية والاختيارية في المنطقة.
قدم للاحتفال المسؤول الاعلامي لحركة “أمل” في إقليم جبل عامل حسين معنى، وتلا حسن برجي آيات من القرآن، ثم عزفت الفرقة الموسيقية ل”كشافة الرسالة الاسلامية” النشيد الوطني ونشيد حركة “أمل”. وألقى رئيس بلدية قانا محمد عطية كلمة اتحاد بلديات صور، فقال “ان السلاح الاميركي الاسرائيلي الذي أهدي الى أطفال قانا في نيسان وتموز يهدى اليوم الى الشعب الشقيق في سوريا والى أطفاله ونسائه خلف أقنعة مموهة بحكايات الديموقراطية والحرية وحق الشعوب وبزخم دولي وزحف عواصم عربية تنسج لإسرائيل خارطة الشرق الأوسط التي تريد بأقلام أمريكية محو حدود فلسطين المغتصبة وحدود الهوية وحدود الخارطة العربية”.
ثم ألقى المطران الحاج كلمة، فوجه التحية الى “شهداء قانا والى أرواحهم التي حطمت حدود المكان والزمان والانتماءات الفئوية”، وقال: “لقد أرادت يد الشر والحقد الغدر من ارتكاب هذه المحرقة إلغاء لبنان وقلبه الجنوب وشطب القضية الفلسطينية وحذف كل مستقبل لنا وتحطيم كل مقاومة عندنا، لكن أرواح شهدائنا خرجت من الأجساد ومن الأشلاء حية وتوالدت أرواحا مقاومة أبية حرة تدخل كل ضمير وكل بيت مخترقة حواجز الطوائف والمناطق والحدود فكانت هذه الأرواح مثالا حيا لضميرنا الجماعي ولهويتنا الأصيلة، للمقاومة المتجذرة في أعماقنا بوجه الطغاة. وختم إن قانا بالأمس صنعت المعجزات واليوم تصنع لنا البطولات فأصبحت محجة للأحرار”.
ثم تحدث المفتي عبدالله، فقال: “نقف اليوم أمام ضرائح الشهداء، لنقول ما كان أحد يتصور أن ترتكب جريمة كهذه في وضح النهار وأمام شهود محليين ودوليين وتحت علم أممي وفي حنايا الشرعية الدولية”. وأضاف: “لا أعتقد أن صور شهداء محرقة قانا لم تدخل الى كل بيت في العالم من خلال الاعلام، ومع ذلك لم تدن إسرائيل، وبقي الفيتو الاميركي يحمي يد الاجرام، واليوم تريد الولايات المتحدة أن تحاضر فينا بالديموقراطية والحرية وحقوق الانسان. نسأل هؤلاء ونسأل العالم ونسأل العرب كما نسأل جميع اللبنانيين أين أصبح ملف مقاضاة إسرائيل في المحاكم الدولية؟ والى متى تبقى اسرائيل استثناء فوق كل الاعتبارات والقرارات؟ ولماذا تريدون منا أن نثق بالمحاكم الدولية بعد قانا وشهدائها؟”.
وأضاف: “أثناء العدوان الاسرائيلي علينا، كان يطلب منا ضبط النفس، وكنا نسمع البعض في الداخل اللبناني يطالب بالنأي بالنفس في الصراع مع اسرائيل، بينما اليوم ينتقدون الحكومة على سياسة النأي بالنفس في المشاكل والأحداث السورية الداخلية. عجيب أن نسمع بعد مجزرة قانا وما سبقها وما تلاها من مجازر واعتداءات، من ينادي بالنأي بالنفس مع العدو ويريد الدخول في الصراع ضد الشقيق”.
وختم عبدالله داعيا السياسيين الى “ترك الرهان على الخارج والعودة الى الحوار والتلاقي لأن لبنان لا يحفظ إلا بتكاتف أبنائه وبتعزيز وحدتهم”.
ثم ألقى عضو المجلس السياسي في “حزب الله” أحمد ملي كلمة الأحزاب اللبنانية، فاعتبر “أننا أمام مرحلة جديدة من تاريخ أمتنا، فبعدما كان العدو الاسرائيلي يعتبر أن لبنان هو الحلقة الأضعف في الصراع العربي الاسرائيلي وينظر اليه على أنه بلد مفكك ومنقسم بفعل موزاييك الطوائف فيه، لكن لبنان وبفعل المقاومة أصبح يحسب له ألف حساب، وقد فشل العدو مرات عدة في تصفية حساباته مع لبنان، وكان يمنى بالهزيمة تلو الهزيمة، وآخرها في عدوان تموز 2006. واليوم وبعد ست سنوات يبقى لبنان قوة بوحدة أبنائه وتضحياتهم وبوحدته الوطنية يقدم نموذجا لهذا الوطن العربي”.
وأضاف: “إننا اليوم لم نعد وحدنا في هذا العالم، وما يجري في سوريا لا يمكن ان نفصله عن نتائج الحرب الاسرائيلية على لبنان وعلى غزة، وأن الغرب وأميركا وإسرائيل تحاول ان تقتص من صمود المقاومة عبر ضرب سوريا وعقابها على مواقفها القومية والعربية، وللأسف هناك البعض في الداخل اللبناني يتماهى مع هذه الحملة ويريد استخدام لبنان ساحة ومحطة للتخريب ولتهريب السلاح الى سوريا فيما يرفض حمل السلاح ضد العدو الاسرائيلي ويقوم بحملة شعواء على سلاح المقاومة”.
وفي الموضوع الداخلي قال “ان الحكومة الحالية ورثت تركة ثقيلة من الهموم والديون والفساد من الحكومات السابقة، ومع ذلك نسمع انتقادات ممن أغرق البلد بهذه الديون والفساد”.
وأخيرا ألقى مسؤول حركة “أمل” في إقليم جبل عامل محمد غزال كلمة الحركة، وقال: “عندما نحيي هذه الذكرى، إنما لنسلط الضوء على ما ارتكبه العدو الاسرائيلي بحق العالم والانسانية، لأن هذا العدو لا يقيم وزنا لأي ميثاق أو عهد. لكن نسأل العالم المتحضر الذي يدعي الرقي والتحضر والتقدم أين هم من هذه المجزرة وما سبقها وتلاها، وأين الذين يدعون أنهم رواد شرعة حقوق الانسان لماذا يصمتون أمام المصلحة الاسرائيلية؟ لماذا هذا التكالب الدولي على هذه المنطقة؟ ولماذا استهداف سوريا؟ كما نسأل العرب أين فلسطين من هذا الحراك الذي تسمونه ربيعا؟ وهل الطريق الى فلسطين أصبحت تمر عبر تدمير سوريا وضربها؟ إن سوريا ثابتة على مواقفها العربية والقومية، وتجاوزت هذه المحنة بفضل صمود أبنائها والتفافهم حول قيادتهم وجيشهم العربي الباسل”.
وسأل “بعض الداخل اللبناني أي مصلحة للبنان في أن يستعدي سوريا او أن تعمل على توتير الاجواء السورية الداخلية؟ ولمصلحة من تصدير السلاح الى داخل سوريا؟ إن سياسة النأي بالنفس التي انتهجتها الحكومة تهدف الى أن لا تنتقل الاحداث من سوريا الى داخل لبنان، والى الحفاظ على الاستقرار الداخلي”.
ودعا غزال الحكومة الى “ألا تنأى بنفسها عن حل مشاكل الناس ولا تدير ظهرها لهم، ويجب أن تسهر على الأمن الوطني ابتداء من الحدود مع فلسطين المحتلة حتى الحدود الشمالية، ومن واجبها تأمين الأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي”.
وقال: “مؤسسة الجيش اللبناني الوطنية بحاجة الى غطاء سياسي يحميها، لأنها تشكل خشبة الخلاص للبنان، وتشكل سدا منيعا بوجه كل المخططات التي ترسم في مطابخ بعض الدول الكبرى وبعض الدول العربية ايضا”.
وأكد “ضرورة الاسراع في ملف الثروة النفطية لأن التأخير لن يكون لصالح لبنان بل يخدم العدو”، مشيرا الى “أن الحكومات السابقة لو تجاوبت مع الرئيس نبيه بري الذي نادى قبل سبع سنوات بالاستفادة من الطاقة الموجودة في البر والبحر لكنا تخلصنا من العجز الذي يعانيه البلد”.
وختم داعيا الى “إقرار قانون انتخابي عصري يؤمن التمثيل الصحيح لجميع اللبنانيين، وهذا لا يتحقق الا بقانون يعتمد النسبية مع أوسع دائرة انتخابية”.